كيف تحافظ على صلة الرحم رغم مشاغل الحياة

كيف تحافظ على صلة الرحم رغم مشاغل الحياة

صلة الرحم من أعظم القربات التي أمرنا الله بها، وجعلها سببًا لزيادة الرزق وطول العمر. قال تعالى:

"وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ" (النساء: 1).

لكن في زمننا الحالي، كثرت الانشغالات وتسارع إيقاع الحياة، مما جعل البعض يغفل عن أداء هذه الفريضة العظيمة. فكيف يمكننا الحفاظ على صلة الرحم رغم ضيق الوقت وكثرة المسؤوليات؟

أولًا: معنى صلة الرحم وأهميتها

صلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقارب بالزيارة، السؤال، المساعدة المادية والمعنوية، ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم.

وقد ورد في الحديث الشريف:

"من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه" (رواه البخاري ومسلم).

وهذا يدل على أن صلة الرحم ليست مجرد أمر مستحب، بل هي سبب للبركة في العمر والرزق.

ثانيًا: لماذا نهمل صلة الرحم في زمننا؟

  1. الانشغال بالعمل: ضغوط الحياة المادية تدفع الكثيرين للانشغال بوظائفهم وأعمالهم على حساب التواصل العائلي.

  2. البعد الجغرافي: الهجرة والعمل في مدن أو دول أخرى يجعل الزيارات أصعب.

  3. التكنولوجيا المفرطة: رغم سهولة التواصل عبر الهاتف والإنترنت، إلا أن البعض اكتفى بالرسائل بدل اللقاءات.

  4. الخلافات العائلية: مشاحنات الماضي قد تؤدي لقطع الصلة.

ثالثًا: آثار قطع صلة الرحم

  • حرمان البركة في العمر والرزق.
  • قسوة القلب وقلة الرحمة.
  • تفكك المجتمع وضعف الروابط الأسرية.

  • غضب الله تعالى، فقد ورد في الحديث:

    "لا يدخل الجنة قاطع رحم" (رواه مسلم).

رابعًا: طرق الحفاظ على صلة الرحم رغم مشاغل الحياة

1. تخصيص وقت في جدولك

كما تخصص وقتًا للعمل أو الراحة، خصص وقتًا أسبوعيًا أو شهريًا للتواصل مع الأقارب، سواء بالزيارة أو الاتصال.

2. استغلال التكنولوجيا

إذا كان البعد الجغرافي عائقًا، فاستخدم مكالمات الفيديو أو الرسائل الصوتية لتقليل المسافات.

3. المبادرة بالسؤال

لا تنتظر أن يتصل بك أقاربك، بل بادر أنت بالسؤال عنهم، حتى ولو برسالة قصيرة.

4. الجمع بين الزيارات والنشاطات الأخرى

يمكنك الجمع بين صلة الرحم وبعض أعمالك الأخرى، مثل زيارة قريب يسكن بجوار مكان عملك أو خلال رحلاتك.

5. مشاركة المناسبات

حضور الأفراح، العزاء، أعياد الميلاد، والتجمعات العائلية يعزز الصلة حتى لو كانت لقاءات قصيرة.

6. تقديم الهدايا ولو رمزية

قال ﷺ:

"تهادوا تحابوا" (رواه البخاري).
الهدية تقرب القلوب وتزيل الجفاء.

7. إصلاح ذات البين

إذا كان هناك خلاف بينك وبين أحد أقاربك، فحاول إصلاحه، لأن استمرار القطيعة يضاعف الذنوب ويبعد المودة.

8. تربية الأبناء على صلة الرحم

علم أبناءك زيارة الأهل، والسؤال عنهم، حتى تصبح عادة مستمرة في الأسرة.

خامسًا: صلة الرحم ليست فقط بالزيارة

يظن البعض أن صلة الرحم تقتصر على الزيارات، لكن الإسلام جعلها أوسع، وتشمل:

  • المساعدة المالية لمن يحتاج.

  • الدعاء للأقارب في حياتهم وبعد وفاتهم.

  • التعاون في الخير، مثل مشاركتهم في أعمال تطوعية أو دعم مشاريعهم.

سادسًا: التغلب على المعوقات

1. ضيق الوقت

  • اجعل التواصل عادة يومية ولو لدقيقة واحدة.

  • استغل أوقات الانتظار أو السفر للاتصال بالأقارب.

2. البعد المكاني

  • رتب زيارات دورية حتى لو مرة في السنة، واجعلها مليئة بالود والاهتمام.

3. الخلافات القديمة

  • تذكر أن الله أمر بالعفو والصفح، وأن إصلاح ذات البين خير من كثير من العبادات النافلة.

سابعًا: الأجر العظيم لصلة الرحم

صلة الرحم سبب في رضا الله، وبركة العمر، وزيادة الرزق، وهي من أسباب دخول الجنة. وكل جهد تبذله في ذلك – حتى لو كان بسيطًا – هو عبادة عظيمة.

خاتمة

رغم مشاغل الحياة وضيق الوقت، تبقى صلة الرحم واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا لا ينبغي التهاون فيه. فهي تقوي الروابط العائلية، وتغرس المودة، وتجلب البركة. ولا يحتاج الأمر إلى مجهود كبير، بل يكفي أن يكون لدينا نية صادقة وعزيمة على التواصل.

قال تعالى:

"وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ" (الرعد: 21).

فلنجعل صلة الرحم عادة لا تنقطع، مهما كثرت المشاغل وتعددت المسؤوليات.

استمتعت بهذه المقالة؟ كن على اطلاع من خلال الانضمام إلى نشرتنا الإخبارية!

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لنشر تعليق.

مقالات ذات صلة