طرق تعزيز القراءة لدى الأطفال وجعلها عادة يومية راسخة

أولاً: تهيئة بيئة مُشجعة على القراءة
- اجعل الكتب في متناول اليد: خصص ركنًا هادئًا ومريحًا للقراءة في المنزل، زوده بإضاءة جيدة ووسائد مريحة. ضع رفوف كتب منخفضة يسهل على الطفل الوصول إليها بنفسه في غرفة نومه أو غرفة المعيشة. اترك بعض الكتب والمجلات المناسبة لعمره في أماكن متفرقة بالمنزل.
- كن أنت القدوة: الأطفال يتعلمون بالتقليد أكثر من أي شيء آخر. احرص على أن يراك طفلك وأنت تقرأ بانتظام، سواء كانت كتبًا، صحفًا، أو مجلات. تحدث عن الكتب التي تقرأها وعن متعتك بها. هذا يُرسل رسالة قوية بأن القراءة نشاط ممتع ومُقدّر في الأسرة.
- حدّد وقت الشاشات: على الرغم من أهمية التكنولوجيا، إلا أن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية (التلفاز، الأجهزة اللوحية، الهواتف) يسرق الوقت الثمين الذي يمكن تخصيصه للقراءة. ضع قواعد واضحة لأوقات استخدام الشاشات وشجع على الأنشطة البديلة، وعلى رأسها القراءة.
- زيارة المكتبات ومتاجر الكتب: اجعل زيارة المكتبة العامة أو متجر الكتب نشاطًا عائليًا ممتعًا ومنتظمًا. اسمح لطفلك باستكشاف الكتب واختيار ما يثير اهتمامه. الاشتراك في المكتبة يفتح له بابًا واسعًا للوصول إلى كنوز من الكتب المتنوعة مجانًا.
- الاحتفاء بالكتب كهدايا: قدم الكتب كهدايا في المناسبات المختلفة (عيد ميلاد، نجاح دراسي، أعياد). هذا يُعزز قيمة الكتاب في نظر الطفل ويربطه بالمناسبات السعيدة.
ثانياً: جعل تجربة القراءة ممتعة وجذابة
- القراءة بصوت عالٍ وبشكل تفاعلي: اقرأ لطفلك بصوت عالٍ بانتظام، حتى بعد أن يتعلم القراءة بنفسه. استخدم نبرات صوت مختلفة للشخصيات، وقم بتغيير تعابير وجهك وحركات جسدك. توقف لطرح الأسئلة ("ماذا تعتقد سيحدث بعد ذلك؟") أو لمناقشة الصور والأحداث. هذا يجعل القصة تنبض بالحياة.
- اختيار الكتب المناسبة لاهتمامات الطفل: اكتشف ما هي المواضيع التي تثير فضول طفلك (ديناصورات، فضاء، حيوانات، مغامرات، أبطال خارقون؟) وابحث عن كتب تدور حول هذه الاهتمامات. عندما يقرأ الطفل عن شيء يحبه، يصبح أكثر حماسًا وتفاعلاً.
- التنويع في أشكال القراءة: لا تحصر القراءة في الكتب التقليدية فقط. استخدم الكتب المصورة، القصص المصورة (الكوميكس)، المجلات المخصصة للأطفال، الكتب التفاعلية التي تحتوي على أجزاء متحركة أو أصوات، وحتى الكتب الصوتية (الأوديو بوك) التي يمكن الاستماع إليها في السيارة أو أثناء اللعب الهادئ.
- ربط القراءة بالأنشطة الحياتية: اقرأ وصفة طعام معًا ثم قوما بتحضيرها، اقرأ دليل استخدام لعبة جديدة، اقرأ لافتات الشوارع أثناء التنزه، ابحثوا عن معلومات حول مكان ستزورونه. هذا يُظهر للطفل أن القراءة مهارة عملية ومفيدة في الحياة اليومية.
- لا للضغط والإجبار: تجنب تحويل القراءة إلى واجب مدرسي أو مهمة إلزامية ثقيلة. لا تضغط على الطفل لإنهاء كتاب لا يستمتع به. اسمح له باختيار ما يريد قراءته (ضمن حدود المعقول). الهدف هو بناء علاقة حب مع الكتب، لا علاقة قائمة على الإكراه.
ثالثاً: دمج القراءة في الروتين اليومي
- وقت القراءة قبل النوم: تُعتبر قراءة قصة قبل النوم طقسًا رائعًا يهدئ الطفل ويساعده على الاسترخاء، كما أنه يوفر وقتًا خاصًا للتواصل بينك وبينه بعيدًا عن ضغوط اليوم. اجعل هذا الوقت مقدسًا قدر الإمكان.
- استغلال أوقات الانتظار والتنقل: احتفظ بكتاب أو اثنين في حقيبتك أو في السيارة لاستغلال أوقات الانتظار (في عيادة الطبيب، في وسائل النقل، قبل بدء الأنشطة). حتى دقائق القراءة القليلة تتراكم وتصنع فرقًا.
- تخصيص وقت للقراءة العائلية: حدد وقتًا منتظمًا (ولو مرة في الأسبوع) يجلس فيه جميع أفراد الأسرة معًا للقراءة بهدوء، كل يقرأ كتابه الخاص. هذا يعزز الشعور بأن القراءة نشاط عائلي مشترك ومهم.
- تشجيع القراءة المستقلة: مع نمو الطفل، شجعه على القراءة بمفرده لفترات قصيرة تزداد تدريجيًا. وفر له مساحة هادئة ومريحة لذلك.
- ربط القراءة بالمكافآت (بحذر): يمكن استخدام أنظمة مكافآت بسيطة في البداية (مثل ملصقات أو جدول تجميع نقاط) لتشجيع القراءة المنتظمة، ولكن يجب أن يكون التركيز دائمًا على المتعة الجوهرية للقراءة نفسها، وليس فقط على المكافأة الخارجية.
رابعاً: اختيار الكتب المناسبة بعناية
- مراعاة المرحلة العمرية والمستوى القرائي: تأكد من أن حجم الخط، عدد الكلمات في الصفحة، تعقيد الجمل، والموضوع العام للكتاب يتناسب مع عمر طفلك وقدراته القرائية الحالية. ابدأ بكتب بسيطة وتدرج في الصعوبة.
- التنويع في الأنواع والمواضيع: عرّض طفلك لأنواع مختلفة من الكتب: قصص خيالية، قصص واقعية، كتب معلوماتية (غير خيالية)، شعر، سير ذاتية مبسطة. هذا يوسع مداركه ويساعده على اكتشاف تفضيلاته.
- البحث عن كتب ذات رسائل إيجابية وقيم بناءة: اختر كتبًا تعزز القيم الأخلاقية الحميدة مثل الصداقة، الأمانة، الشجاعة، التعاطف، احترام التنوع والاختلاف.
- إشراك الطفل في عملية الاختيار: اصطحب طفلك للمكتبة أو متجر الكتب ودعه يشارك في اختيار الكتب التي يرغب في قراءتها. عندما يشعر الطفل بأن له دورًا في الاختيار، يكون أكثر حماسًا للقراءة.
- الاستفادة من التوصيات والمراجعات: ابحث عن توصيات للكتب المناسبة لعمر طفلك من مصادر موثوقة مثل أمناء المكتبات، المعلمين، مواقع مراجعات كتب الأطفال، أو حتى من الأصدقاء وأولياء الأمور الآخرين.
خامساً: الصبر والمثابرة في مواجهة التحديات
إن رحلة غرس حب القراءة لدى الطفل ليست دائمًا سهلة وقد تواجه بعض العقبات. قد يكون الطفل مترددًا في البداية، أو قد يمر بفترات يفقد فيها اهتمامه بالقراءة. هنا يأتي دور الصبر والمثابرة.
تذكر دائمًا أن كل طفل يختلف عن الآخر ويتطور بوتيرته الخاصة. لا تقارن طفلك بأقرانه أو بإخوته. احتفل بكل خطوة صغيرة يخطوها في عالم القراءة، سواء كانت قراءة صفحة واحدة أو إنهاء كتاب قصير. قدم التشجيع المستمر والدعم غير المشروط. إذا واجه الطفل صعوبة في القراءة، حاول فهم السبب بهدوء وقدم المساعدة اللازمة دون لوم أو توبيخ. قد تحتاج أحيانًا إلى استشارة معلم أو أخصائي إذا كنت تشك في وجود صعوبات تعلم محددة.
الأهم هو الحفاظ على جو إيجابي ومحب حول القراءة. استمر في توفير الفرص، وكن القدوة الحسنة، واجعل القراءة تجربة ممتعة. بالصبر والمحبة والمتابعة المستمرة، ستتمكن من مساعدة طفلك على اكتشاف سحر القراءة وجعلها صديقته الدائمة.
في النهاية، يمكن القول بأن تعزيز عادة القراءة لدى الأطفال يتطلب مزيجًا من تهيئة البيئة المناسبة، جعل التجربة ممتعة، دمجها في الروتين، اختيار الكتب بعناية، والأهم من كل ذلك، التحلي بالصبر والمثابرة وتقديم القدوة الحسنة.
تحلّى بالصبر والمثابرة كوالد مُلهم
- الصبر على التطور التدريجي.
- الاستمرارية في المحاولة والتجريب.
- التفاني في توفير الدعم والتشجيع.
- تجاوز لحظات الإحباط (لديك ولدى الطفل).
- الثقة بقدرة طفلك على التعلّم وحب المعرفة.
- الصمود في وجه الملهيات والتحديات.
- الاحتفال بالإنجازات الصغيرة وتقديرها.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تبني استراتيجيات مرنة ومُحببة بعيدًا عن الضغط والإجبار. باستخدام الصبر والمحبة والإبداع، يمكن تحقيق نتائج مذهلة في بناء علاقة قوية ودائمة بين الطفل والكتاب، مما يفتح له أبواب المستقبل على مصراعيها.
يجب عليك تسجيل الدخول لنشر تعليق.