أول ردود فعل على Death Stranding 2: On The Beach - هل تستحق إبداعية كوجيما الانتظار؟
في عالم ألعاب الفيديو، قليلون هم المخرجون الذين يمتلكون القدرة على إثارة عاصفة من الجدل والنقاش والترقب بمجرد الكشف عن عرض دعائي جديد. هيديو كوجيما هو بلا شك سيد هذا الفن. ومع الكشف عن العرض المطول للعبته المرتقبة Death Stranding 2: On The Beach خلال حدث State of Play الأخير، اشتعلت شبكة الإنترنت مرة أخرى، منقسمة بين الحماس المطلق والارتباك الممتع الذي اعتدنا عليه من عبقرية كوجيما.
لقد وضع العرض الجديد، الذي امتد لما يقارب العشر دقائق، اللاعبين في قلب عالم مألوف لكنه متغير بشكل جذري. لقد عادت المناظر الطبيعية الشاسعة، وعاد "سام بورتر بريدجز" محمّلاً بمهمة جديدة، وعادت معها تلك الأجواء السريالية التي طبعت الجزء الأول. لكن السؤال الأهم الذي يتردد على ألسنة الجميع الآن ليس "ماذا رأينا؟" بل "هل هذا الجنون الإبداعي يستحق عامًا آخر من الانتظار؟". في هذا المقال، سنغوص في أعماق ردود الفعل الأولية، ونحلل ما كشفه العرض، ونحاول الإجابة على هذا السؤال المحوري.
الكشف الصادم: نظرة معمقة على عالم "On The Beach"
لم يكن عرض Death Stranding 2 مجرد استعراض لرسوميات محسّنة أو لقطات لعب عابرة، بل كان بمثابة فيلم قصير مليء بالألغاز والرموز التي تحتاج إلى تفكيك. منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن كوجيما يرفع منسوب الغرابة إلى مستويات جديدة.
افتتح العرض بمشهد لفريق طبي يقوم بعملية جراحية على شخصية غامضة، بينما نرى "فراجايل" وهي تروي القصة. لكن الصدمة الحقيقية كانت في ظهور سفينة ضخمة تُدعى "ماجلان" (The Magellan)، وهي ليست مجرد مركبة، بل قاعدة عمليات متنقلة تعمل بالطاقة السوداء. هذه السفينة وحدها تشير إلى نقلة نوعية في نطاق اللعبة؛ فمهمة "سام" لم تعد تقتصر على إعادة ربط مدن أمريكا المعزولة، بل امتدت لتشمل العالم بأسره، بدءًا من المكسيك.
ردود الفعل الأولية على هذا التوسع في النطاق كانت إيجابية للغاية. شعر الكثير من اللاعبين أن هذه هي الخطوة المنطقية التالية للسلسلة. فبعد أن تعلمنا أهمية "الاتصال" على المستوى المحلي في الجزء الأول، يبدو أن الجزء الثاني سيستكشف معنى الاتصال على نطاق عالمي، وهو موضوع يكتسب أهمية خاصة في عالم ما بعد الجائحة، وهو الأمر الذي اعترف كوجيما نفسه بأنه أعاد كتابة القصة بالكامل بسببه.
شخصيات عائدة ووجوه جديدة تثير الفضول
كانت عودة الشخصيات المحبوبة من الجزء الأول من أبرز نقاط القوة في العرض. "سام بورتر بريدجز"، الذي يؤدي دوره الممثل نورمان ريدوس، يبدو أكبر سنًا وأكثر إنهاكًا، لكنه مصمم على إكمال مهمته. "فراجايل"، التي تلعب دورها ليا سيدو، لم تعد مجرد حليف، بل أصبحت قائدة منظمة جديدة تدعى "Drawbridge"، ويبدو أنها المحرك الرئيسي للأحداث.
لكن المفاجأة الكبرى كانت عودة "هيغز موناغان"، الخصم الرئيسي في الجزء الأول، والذي يلعب دوره تروي بيكر. عودته كانت دراماتيكية، حيث ظهر بمظهر مستوحى من شخصية الجوكر، مسلحًا بجيتار كهربائي يمكنه إطلاق صواعق البرق. هذا التحول أثار موجة من الحماس بين اللاعبين، الذين أشادوا بالجنون الإبداعي للشخصية وتوقعوا مواجهات لا تُنسى.
إلى جانب الوجوه المألوفة، قدم العرض شخصيات جديدة غامضة، أبرزها شخصية تؤديها الممثلة إيل فانينغ، وشخصية أخرى يجسدها المخرج السينمائي الشهير جورج ميلر (مخرج سلسلة Mad Max). وجود هذه الأسماء الكبيرة يرفع من سقف التوقعات للقصة، ويؤكد على استمرار نهج كوجيما في طمس الخطوط الفاصلة بين السينما وألعاب الفيديو.
أما عن "لو" (Lou)، الطفل الجسري (BB) الذي شكل الرابط العاطفي في الجزء الأول، فيبدو أنه لم يعد موجودًا. بدلاً منه، يرافق "سام" دمية غريبة تتحدث وتشاركه رحلته. ردود الفعل على هذا التغيير كانت متباينة؛ فالبعض شعر بالحنين لـ "لو"، بينما رأى آخرون أن هذه الدمية هي لمسة كوجيما السريالية المعتادة التي تضيف طبقة جديدة من الغموض.
ردود فعل اللاعبين والنقاد: بين الحماس والغموض المحبب
بمجرد انتهاء العرض، انقسمت ردود الفعل عبر منصات التواصل الاجتماعي ومنتديات الألعاب إلى معسكرين رئيسيين، وكلاهما يعكس العلاقة الفريدة التي يمتلكها الجمهور مع أعمال كوجيما.
المعسكر الأول: الحماس المطلق
هؤلاء هم عشاق الجزء الأول ومتابعو أعمال كوجيما الأوفياء. بالنسبة لهم، كان العرض هو كل ما كانوا يأملون به وأكثر. لقد احتفوا بالغموض، وبدأوا على الفور في صياغة النظريات حول معنى "On The Beach"، ودور الدمية، وطبيعة الأعداء الجدد الذين يشبهون السايبورغ. بالنسبة لهذا الجمهور، فإن الارتباك ليس عيبًا، بل هو جزء من متعة التجربة. إنهم يثقون في رؤية كوجيما وقدرته على تجميع كل هذه الخيوط الغريبة في نهاية المطاف لتقديم قصة مؤثرة وعميقة.
المعسكر الثاني: الترقب الحذر
يضم هذا المعسكر اللاعبين الذين استمتعوا بالجزء الأول لكنهم انتقدوا بعض جوانب أسلوب اللعب، بالإضافة إلى اللاعبين الجدد الذين يحاولون فهم هذه الظاهرة. سؤالهم الرئيسي هو: "هل سيكون أسلوب اللعب أكثر تنوعًا هذه المرة؟". الجزء الأول، الذي أطلق عليه البعض "محاكي توصيل الطلبات"، كان محط جدل بسبب وتيرته البطيئة واعتماده على المشي لمسافات طويلة.
العرض الجديد قدم لمحات واعدة في هذا الصدد. رأينا "سام" وهو يتنقل عبر بيئات أكثر خطورة، بما في ذلك فيضانات وانهيارات أرضية ديناميكية. كما ظهرت مقاطع قتالية أكثر، مما يوحي بأن اللعبة قد تتبنى نهجًا أكثر ميلاً للأكشن. إعلان كوجيما بأن اللعبة ستكون ضمن نوع جديد يطلق عليه "أكشن وتسلل تكتيكي" (Tactical Espionage Action)، وهو نفس الوصف الذي استخدمه لسلسلة Metal Gear Solid، أثار حماس هذا المعسكر بشكل خاص، حيث اعتبروه وعدًا بتجربة لعب أعمق وأكثر إثارة.
الحكم المبدئي: هل Death Stranding 2 تستحق الانتظار؟
بعد تحليل العرض ومتابعة ردود الفعل، يمكننا الوصول إلى حكم مبدئي. الإجابة على سؤال "هل تستحق الانتظار؟" تعتمد بشكل كبير على نوع اللاعب الذي أنت عليه.
إذا كنت من عشاق الجزء الأول وتثق في رؤية كوجيما، فالإجابة هي "نعم" مدوية. Death Stranding 2: On The Beach تبدو وكأنها تأخذ كل ما كان رائعًا في اللعبة الأولى – القصة العميقة، بناء العالم الفريد، والشخصيات التي لا تُنسى – وتضخمه على نطاق عالمي. إنها تعد بتجربة أكبر وأكثر جرأة وربما أكثر غرابة، وهذا بالضبط ما يريده هذا الجمهور.
إذا كنت من اللاعبين الذين شعروا بالملل من أسلوب اللعب في الجزء الأول، فالإجابة هي "نعم، ولكن بترقب حذر". هناك مؤشرات قوية على أن فريق Kojima Productions قد استمع إلى الانتقادات. التلميحات إلى وجود أكشن أكثر، وبيئات ديناميكية، وربما آليات تسلل مستوحاة من Metal Gear، كلها أمور واعدة. الانتظار حتى عام 2025 قد يكون فرصة لمشاهدة المزيد من عروض أسلوب اللعب التي ستؤكد أو تنفي هذه التوقعات.
إذا كنت لاعبًا جديدًا لم تجرب الجزء الأول، فهذه هي فرصتك المثالية. لديك متسع من الوقت لتجربة اللعبة الأولى وفهم عالمها الفريد. إذا أعجبتك فلسفتها وأسلوبها القصصي، فإن الجزء الثاني سيكون على الأرجح تجربة لا تُفوَّت بالنسبة لك.
في النهاية، Death Stranding 2: On The Beach ليست مجرد لعبة فيديو، بل هي حدث ثقافي في صناعة الألعاب. إنها تمثل نوعًا من الألعاب التي أصبحت نادرة، ألعاب ذات ميزانية ضخمة يقودها شغف ورؤية فنية لمخرج واحد، غير مقيدة باتجاهات السوق. قد تكون غريبة، وقد تكون مربكة، ولكنها بالتأكيد لن تكون مملة. الانتظار حتى عام 2025 قد يبدو طويلاً، لكن إذا كان المنتج النهائي يفي بجزء بسيط من الوعود التي قدمها هذا العرض المذهل، فكل يوم من هذا الانتظار سيكون له قيمته.
يجب عليك تسجيل الدخول لنشر تعليق.